. يذكر
ذلك اليوم الذي كان عائدا من المدرسة،،،كان فرحا مبتهجا لأنه سيزف لوالدته
خبر نجاحه،،،ولقد وعدته أنها ستشتري له دراجة إذا نجح،،،،وصل إلى البيت
فأحس ان ثمة شيء رهيب وقع ،،،كانت أصوات بكاء ونحيب تتعالى من
داخله،،،وأناس يدخلون ويخرجون،،،،تقدم نحوه أبوه الذي بدى وجهه كئيبا
حزينا،كانت الدموع لازلت تُدرف من عينيه التي أحمرت بشكل ملفت عندما عانق
إبنه وهو يقول باكيا:
ـ لقد ماتت أمك يابني،،،ماتت زوجتي ،،،،
تجمد في مكانه من هول الصدمة،فقد الإحساس بكل شيء،،،فسقط مغشيا عليه،،،لم يستفق إلا وهو في فراشه ،،،نهض مدعورا وهو يصيح :
ـ أمي ،اريد امي،،،أريد ان اخبرها بنجاحي،،،
أخدت جدته تهدأ من روعه،،،احتضنت حفيدها،وأخدت تربت على رأسه وهي تقول:
ـ أمك لم تمت يابني ،إنها في الجنة تنعم بنعيمها،،،وتنتظر مجيئنا،،،لاتبكي ياأيوب ياولدي فهذا سيحزنها،،،،
كان بجانب الجدة جارتهم رقية ،،،التي همست في أدنيها قائلة لها:
ـ دعيه يرى أمه قبل أن يوارى جسدها التراب،،،أعرف أن هذا صعب ،ولكن يجب أن يودع والدته،،،
وكأنه سمع ماقالته الجارة رقية قال وهو ينظر إلى جدته :
ـ أريد ان أرى والدتي ،،،أريد ان أخبرها بشيء مهم ،،،وأنا متيقن أنها ستسمعني،،،
كان لايقدر على المسير وهو يشق طريقه نحو غرفة النوم،حيث والدتها هناك
مستلقية على الفراش وقد غادرت الحياة،،،لم يكن قد أزال عليه وزرة
المدرسة،،،وكانت أمه في العادة هي التي تخلعها منه وهي تقول له مبتسمة:
ـ متى تعتمد عل نفسك وتزيل وزرتك بنفسك؟!
نظر إلى والدته نظرة من يريد أن يقول أشياء كثيرةأارتمى عليها واجهش في البكاء،عاد ينظر إليها ثم قال وهو يمسح دموعه:
ـ لقد نجحت ياأمي ونلت الشهادة الابتدائية،،،،هنئيني بنجاحي ياأمي وأخلعي عني وزرتي كما تفعلي عادة
أرتمى عليها ،وهو يبكي،،،أثار بكائه القوي وصراخه من كان حوله،،،فأبعدوه
على جثة والدته،،،وبالكاد أبعدوه فقد تشبت بها كما لوانها لازلت تنبض
بالحياة،،،وكأنه كان ينتظر من والدته أن تقول شيئا،،،